تدشين ميناء الدقم يفتح آفاقا واسعة و “بوابة ” آمنه للاقتصاد العمانى
جسدت الحكومة العمانية رؤيتها الطموحة بشأن مستقبل قطاع النقل البحري واللوجستيات بإطلاق نشاط ميناء الدقم لتعزز بذلك وجودها ضمن أهم البوابات التجارية البحرية العالمية، في ظل تطلعات المسؤولين إلى أن يُسهم الميناء في جذب استثمارات أجنبية جديدة ويحقق أهداف تنويع مصادر الدخل.
الدقم (سلطنة عمان) – دخل مشروع منطقة الدقم الاقتصادية الخاصة في عُمان مرحلة جديدة الجمعة بالتدشين الرسمي لميناء الدقم، أحد أهم البوابات التجارية البحرية بالبلاد، ليفتح بذلك نافذة كبيرة لتوسيع أكبر المشاريع الاستراتيجية المتكاملة في البلاد.
وأعطى أسعد بن طارق آل سعيد نائب رئيس الوزراء والممثّل الخاص للسلطان هيثم بن طارق إشارة انطلاق نشاط الميناء بحضور ملك بلجيكا فيليب ليوبولد لويس ماري وعقيلته الملكة ماتيلد ماري.
ويندرج الميناء ضمن خطط الحكومة المنضوية تحت مظلة “رؤية 2040” والهادفة إلى تحسين بيئة الأعمال التجارية والاستثمارية وأنشطة السوق من خلال تعزيز خطوط الملاحة عبر الموانئ العمانية وزيادة حجم الأعمال وجذب مشغلي الخطوط الملاحية الرئيسية.
وتسعى مسقط لزيادة دور الموانئ في تنويع الاقتصاد من أجل مواجهة التحديات المالية التي تعترضها لدعم عمليات نقل البضائع وإعادة تصديرها وتعزيز الخدمات اللوجستية، في تحرك سيحقق عوائد مستقرة تنسجم مع خطط الإصلاح.
ويريد البلد الخليجي الاستفادة بشكل أكبر من موقعه الجغرافي على الساحل الشرقي لشبه الجزيرة العربية وتوفر عدد من موانئ المياه العميقة التي تمكّن مشغلي الشحن الدولي من الوصول إليها بسهولة للقيام بعمليات الشحن والربط بين عمليات الشحن الدولي
وأكد أحمد الذيب نائب رئيس الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة أن مشروع ميناء الدقم يمثل رافدا مهما في الاقتصاد العماني ومحركا رئيسا لمشاريع قيد الإنشاء وأخرى قيد التأسيس.
أحمد الذيب: الميناء يعد نقلة نوعية في تحسن القدرة التنافسية للسلطنة
ونسبت وكالة الأنباء العمانية الرسمية إلى الذيب قوله في كلمة خلال التدشين إن “هذا الميناء الاستراتيجي والحيوي يعد نقلة نوعية في تحسن القدرة التنافسية لسلطنة عُمان“.
وأضاف “يشكل ميناء الدقم إضافة مهمّة للتكامل مع موانئ البلاد المتعددة للموقع الجغرافي المتميز للميناء الذي من المخطط أن يكون مركزا لوجستيا يخدم خطوط الملاحة الدولية بين آسيا وأوروبا“.
وستنضم هذه البوابة التجارية البحرية إلى مجموعة موانئ البلاد البالغ عددها 24 ميناء موزعة على جميع محافظات السلطنة الساحلية من محافظة مسندم إلى ظفار على طول الشريط الساحلي.
ويعد ميناء الدقم من أهم محركات المنطقة الاقتصادية بالدقم وأحد المشاريع الاستراتيجية التي تنفذها الحكومة لدعم الاقتصاد وتنشيط الحركة الاقتصادية.
وبحسب المواصفات الفنية لهذا المشروع الضخم فإن إجمالي أطوال كاسرَي الأمواج يبلغ نحو 8.7 كيلومترا، فيما يصل عمق حوض الميناء إلى 18 مترا وقناة الدخول إلى 19 مترا ما يؤهله لاستقبال ومناولة سفن الحاويات العملاقة.
ويتألف هذا الميناء الضخم من ثلاثة أرصفة رئيسة هي الرصيف التجاري والرصيف الحكومي ورصيف آخر للمواد السائلة والسائبة (الرصيف النفطي).
ويعمل الميناء حاليا برافعات مؤقتة حيث قامت الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة بالتعاقد مع شركة ليبهر الألمانية لتوريد 4 رافعات آلية لنقل الحاويات من السفن إلى الرصيف التجاري والعكس بطاقة تصل إلى 65 طنا.
كما قامت الهيئة بشراء 12 رافعة للساحات ذات الإطارات المطاطية بقيمة إجمالية بلغت 28 مليون ريال (نحو 73.1 مليون دولار).
ومن المتوقع أن يقوم الميناء بدور كبير في خدمة مشاريع الهيدروجين الأخضر، إذ بدأت المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم في جذب الشركات التي تعمل على إنتاج هذا المنتج النظيف.
وكانت المنطقة قد وقعت اتفاقيتين مع شركتين عالميتين إحداهما بشراكة مع مجموعة أوكيو مع شركة بلجيكا وأخرى مع شركة أجنبية لحجز مساحات كبيرة لإنتاج الطاقة وللمصنع الذي سينتج الهيدروجين الأخضر وهي الآن تحت الدراسات التفصيلية للمشروعات.
وقالت أنيك دي ريدر رئيسة مجلس إدارة هيئة ميناء أنتويرب البلجيكي إن “أول مشروع دولي للهيئة هو الإسهام في شركة ميناء الدقم مع شريكنا البلجيكي مجموعة ديمي باعتبار الميناء جزءا مهما من الشبكة الدولية المتنامية”.
والمشروع الذي تنفذه مجموعة ديمي هو عبارة عن استثمار في الهيدروجين الأخضر وبالشراكة مع شركة النفط العمانية (أو.كيو) الحكومية.
عبدالرحمن الحاتمي: جاهزية الميناء ستسهم في توفير قاعدة لقطاع الأعمال
وأوضحت ريدر أن هيئة ميناء أنتويرب تتابع منذ العام 2010 “التطورات الرائعة لمشروع ميناء الدقم الطموح عن كثب ومن الواضح الآن أن لديه كل الإمكانات ليصبح قصة نجاح وسنستمر في دعمه“.
وخلال السنوات الثلاث الماضية، نجح الميناء في استقطاب 2242 سفينة، وتنشيط حركة مناولة مختلف البضائع، والانتقال إلى تحقيق أرباح في المراحل الأولى لتشغيله.
وقال عبدالرحمن الحاتمي الرئيس التنفيذي لمجموعة أسياد للخدمات اللوجستية إن “جاهزية الميناء ستُسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية وتوفير أرض خصبة لقطاع الأعمال واستحداث فرص استثمارية للمجتمع التجاري والترويج لها للوصول إلى العالمية“.
وقد قام صاحبُ السُّمو السّيد أسعد بن طارق آل سعيد نائبُ رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي والممثلُ الخاصُّ لجلالةِ السُّلطان وبحضور جلالة الملك فيليب ليوبولد لويس ماري ملك البلجيكيين وقرينته جلالة الملكة ماتيلد ماري كريستين غيسلاين ملكة البلجيكيين بإزاحة الستار عن اللوحة التذكارية معلنا الافتتاح الرسمي لميناء الدقم.
ويعد المشروع الاقتصادي في الدقم الأكبر في تاريخ البلد الخليجي، وهو يأتي في إطار جهود خفض اعتماد الدولة الخليجية على عوائد صادرات النفط والغاز وتنويع مواردها لتشمل صناعات أخرى قبل نفاد الاحتياطيات النفطية.
ودخل هذا المشروع في سبتمبر 2018 مرحلة مهمة بالافتتاح الرسمي لمطار الدقم، ثالث أكبر مطار في البلاد، وتريد مسقط من خلال المطار المرتبط بميناء ومنطقة صناعية ولوجستية تنشيط الحركة التجارية والسياحية وتوسيع شبكة الأعمال الاقتصادية في المنطقة.
ووفق الجهات الرسمية تقدر الطاقة الاستيعابية للمطار بنحو نصف مليون مسافر سنويا، مع إمكانية التوسع إلى مليوني مسافر.
وتضم منطقة الدقم أيضا حوضا لإصلاح السفن مملوكا لشركة عُمان للحوض الجاف الحكومية، والذي تُديره شركة دايو لبناء السفن والهندسة البحرية الكورية الجنوبية، ويقع في قلب المنطقة الصناعية.
كما تحوي مصفاة للنفط تشيدها وزارة النفط بالشراكة مع شركة البترول الكويتية باستثمارات تقدر بنحو 7 مليارات دولار، ومجمعا للبتروكيميائيات وأنشطة تصنيعية ومنشآت للتخزين والخدمات.
بوابة آمنة
يذكر ان ميناء الدقم على الساحل الجنوبي الشرقي لسلطنة عمان ، ويطل على بحر العرب والمحيط الهندي ، ويتحول بسرعة إلى موقع مهم في المنطقة البحرية سريعة التطور في منطقة الشرق الأوسط. ذات عمق يصل الى 18متر و ذات كاسر امواج رئيسي و ثانوي و مساحة واسعه، يقع ميناء الدقم على عتبة قريبة من الأسواق الرئيسية. ويعتبر كمرساه رئيسيه للمنطقة الأقتصادية الخاصة في الدقم ، فإن لديها إمكانية لتطوير الميناء ليصبح واحد من أكبر الموانئ في الشرق الأوسط على المدى الطويل.
يعتبر موقع الدقم استراتيجيا ، حيث انه بعيدًا عن مضيق هرمز والخليج العربي. هذا هو الموقع المفيد الذي تسعى الحكومة العمانية لتحقيقه حيث أنها تهدف إلى وضع الدقم كواجهة آمنة ومستقرة وصديقة للأعمال من أجل الاستثمارات الصناعية والاقتصادية. وبالفعل ، فإن سلطنة عمان – وميناء الدقم على وجه
الخصوص – فتحصد الفوائد من سمعة البلد دوليا كواحة من الهدوء و بالسلام الإقليمي.
وتأكيدا لأهميه الموقع الاستراتيجي لميناء الدقم قد تم تطويره المخطط له على ان يكون مركز لوجيستي متكامل ومتعدد الوسائط يشتمل على طرق النقل البحري والطرق البرية والجوية والسكك الحديدية. فالمطار قيد الإنشاء في الدقم ، في حين أن شبكة نقل البضائع والركاب المقترحة بالسكك الحديدية ، ستربط في نهاية المطاف هذه المدينة الساحلية الصناعية بنظام السكك الحديدية الوطني. تعد المرافق والخدمات أيضًا حديثة ، وتوفر للمستثمرين بيئة لا تضاهى للقيام بأعمال تجارية. بالأضافه للإتفاقيات التجارية الحرة (FTA) مع الولايات المتحدة وسنغافورة ، بالإضافة إلى ثقافة الفكر والثقافة التجارية ، فهي عامل جذب للأستثمار في سلطنة عمان.