كشفت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، أنه من المقرر أن يعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، عن أكبر خفض للانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري في الولايات المتحدة على الإطلاق، وذلك أثناء استضافته لـ40 من قادة العالم، الخميس، في قمة بشأن تغير المناخ، تضم الرئيسين الصيني شي جين بينغ، والروسي فلاديمير بوتين.
وقالت الصحيفة في تقرير، الخميس، إنه وفقاً لأشخاص مطلعين على خطط الإدارة، فإنه من المتوقع أن يتعهد بايدن بخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الولايات المتحدة بنسبة تصل إلى 50% بحلول عام 2030، وذلك مقارنة بمستويات عام 2005، وهو ما رأت الصحيفة أنه يمثل “تسريعاً كبيراً لتعهد إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، بخفض الانبعاثات بين 26 إلى 28% بحلول عام 2025”.
خطر وجودي على مستقبل الاقتصادى
ونقلت الصحيفة عن وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، قولها في خطاب، إن “تغير المناخ قد أصبح خطراً وجودياً على اقتصادنا المستقبلي، وعلى طريقة حياتنا”، مشيرة إلى تعهدها بتحفيز استثمارات الإدارة في الطاقة الخضراء، وتمويل القطاع الخاص للتقنيات الصديقة للبيئة.
وأضافت يلين: “الاستثمار المطلوب لجعل اقتصادنا صديقاً للبيئة ضخم، حيث إن هناك تقديرات بأن الاستثمارات الإضافية المطلوبة قد تصل لأكثر من 2.5 تريليون دولار للولايات المتحدة وحدها، ولذا فإنه سيكون على رأس المال الخاص أن يسد معظم هذه الفجوة”.
تابعت: “نحن نعرف القليل جداً فقط عن مخاطر المناخ، والتفكير في حلول مؤقتة أو عدم التفكير في حلول على الإطلاق هو خطأ تام، وذلك لأن مشكلة المناخ كبيرة ويجب معالجتها الآن”.
وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة هي ثاني أكبر مصدر لانبعاثات الكربون في العالم بعد الصين، ناقلة عن تقرير وكالة حماية البيئة، الذي صدر الأسبوع الماضي، أن حجم انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في البلاد قد وصل إلى 5.8 مليار طن في عام 2019، وذلك بانخفاض 13% عن عام 2005.
وفي تعليقه على خطط إدارة بايدن، رأى عميد كلية المناخ في جامعة كولومبيا، جيسون بوردوف، أن “خفض الانبعاثات بنسبة 50% يعد أمراً ممكناً ولكنه سيكون صعباً للغاية”.
وقالت الصحيفة، إن واشنطن تأمل أن يشجع هدفها المناخي الجديد البلدان الأخرى على تبني أهداف مماثلة قبل انعقاد قمة الأمم المتحدة حول تغير المناخ “COP26″، المقرر إقامتها في غلاسكو، في نوفمبر المقبل، إذ يستعد حلفاء الولايات المتحدة، بما في ذلك كندا وكوريا الجنوبية واليابان، للإعلان عن أهدافهم المناخية في هذه القمة.
وكان بايدن قد دعا العديد من زعماء العالم، من بينهم الرئيسان الصيني والروسي، إلى القمة التي تبدأ في “يوم الأرض“، وتعلن عودة واشنطن إلى الخطوط الأمامية لمكافحة التغير المناخي، بعد انسحاب الرئيس السابق دونالد ترمب من هذه العملية.
والأربعاء، أعلنت وزارة الخارجية الصينية، أن الرئيس الصيني شي جين بينغ، سيشارك في قمة المناخ، على الرغم من أن منسوب التوتر السياسي بين بكين وواشنطن لا يزال مرتفعاً.
وأضافت الوزارة في بيان، أن الرئيس سيلقي “خطاباً مهماً” خلال القمة، التي تأتي بعد أيام على زيارة المبعوث الأميركي لشؤون المناخ جون كيري إلى شنغهاي، أكدت فيها واشنطن وبكين على ضرورة “تعزيز إجراءات كل منهما وتعاونهما في آليات متعددة الأطراف، بما في ذلك اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ واتفاقية باريس”.
من جهته، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مشاركته هو الآخر في القمة، على الرغم من التوترات بين البلدين، حيث يمثل تغير المناخ “أولوية لروسيا”، حسبما ورد في بيان للكرملين.
تعرق عن أهم المتحدثين
في المقابل، قال مصدر مطلع لوكالة رويترز، إن رجل الأعمال بيل غيتس سيلقي كلمة أمام قمة المناخ، وإن قادة العالم الذين تلقوا الدعوة لحضور القمة، وعددهم 40 زعيماً، أكدوا جميعاً تقريباً مشاركتهم.
وسيمهد الحدث الذي سيجري برعاية البيت الأبيض الطريق لقمة عالمية أخرى تعقد في نوفمبر في مدينة غلاسكو الأسكتلندية، وتهدف لضمان تحقيق العالم هدف الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية.
وسيكون من بين المتحدثين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، وهما من الزعماء الذين تتصدر بلدانهم قائمة الدول المسببة للجانب الأكبر من الانبعاثات.
ووضع بايدن مكافحة تغيير المناخ على قمة الأولويات المحلية والدولية، وتمثل القمة التي تنعقد هذا الأسبوع فرصة له لإقناع نظرائه بعودة الولايات المتحدة لموقع القيادة في هذا المجال عقب انسحاب الرئيس السابق دونالد ترمب من اتفاقية باريس للحد من الانبعاثات العالمية.
وأعاد بايدن بلاده للاتفاقية في بداية رئاسته في يناير الماضي، ويعتزم البيت الأبيض الكشف عن التزام جديد يتمثل في الحد من حصة الولايات المتحدة من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بحلول 2030.
وقالت مصادر مطلعة، وفقاً لـ”رويترز”، إن الاقتصادات الكبرى ستناقش الالتزامات الخاصة بتغير المناخ، وسيتم التطرق أيضاً إلى التمويل، ودور أسواق رأس المال، وسبل التأقلم مع التغير المناخي.
وستتركز المناقشات في اليوم الثاني للقمة، الجمعة، على برنامج “إعادة البناء بشكل أفضل”. وأوضح بايدن من قبل أنه يرى في مكافحة التغير المناخي فرصة تتيح فرص عمل، ويشتمل مشروع القانون الذي طرحه بشأن البنية الأساسية على تمويل حاسم لخطة إدارته من أجل تقليل الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري.
وستجري أيضاً مناقشة الابتكارات في مجال الطاقة النظيفة “والصناعات التي سيتم ابتكارها”. وسيتناول غيتس هذا الموضوع في تعليقاته.
وكانت قد قالت وكالة أنباء “أسوشيتد برس” الأميركية، إن الرئيس الأميركي، جو بايدن، سيواجه مهمة مزعجة عند انعقاد قمة المناخ الافتراضية الخميس المقبل، تتمثل في كيفية طرح هدف رمزي وغير ملزم لتخفيض انبعاثات غاز الاحتباس الحراري.
ويتطلب أن يكون الهدف له تأثير ملموس على الجهود المبذولة بشأن تغير المناخ في الولايات المتحدة، وفي جميع أنحاء العالم.
واعتبرت “أسوشيتد برس” أن الهدف المتعلق بالانبعاثات، سيبعث إشارة بشأن رغبة بايدن التحرك في مسار تغير المناخ، وهو الهدف المنتظر من جميع أطراف النقاش.
وقالت كيت لارسن، المستشارة السابقة للبيت الأبيض التي ساعدت في وضع خطة الرئيس السابق باراك أوباما لمكافحة تغير المناخ، إن “الهدف الذي يختاره بايدن يتمثل في تحديد التوجه لمستوى الطموح، ووتيرة خفض الانبعاثات خلال العقد المقبل”.
وترى لارسن وخبراء آخرون أن الرقم المستهدف يجب أن يكون قابل للتحقيق بحلول 2030، وفي الوقت ذات يجب أن يكون قوي بشكل كاف لإرضاء العلماء، والجماعات المناصرة للبيئة الذين يرون العقد القادم يمثل لحظة نجاح أو إخفاق حاسمة لإبطاء وتيرة تغير المناخ.
اعتبرت لارسن أهمية الهدف تكمن في وضوحه، و”حشد الدول الأخرى”، وسعي الولايات المتحدة لتحقيقه بعد أربع سنوات خالية من التقاعس إزاء تغير المناخ.
وأضافت:” يساعد الهدف على الصعيد المحلي في تنفيذ السياسات لتحقيقه، وتقديم قضية أفضل من الناحية السياسية في الداخل إذا كانت الدول الأخرى تتصرف بنفس طموح الولايات المتحدة”.
خفض الانبعاثات
ويدعو العلماء والجماعات البيئية وقادة الأعمال، بايدن لتحديد هدف من شأنه خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، بما لا يقل عن 50%، عن مستويات 2005 بحلول 2030.
وأوضحت “أسوشيتد برس” أن هدف الـ50%، الذي يعتبره معظم الخبراء نتيحة محتملة للمداولات المكثفة الجارية في البيت الأبيض، من شأنه أن يضاعف الالتزام السابق للولايات المتحدة، ويتطلب تغييرات هائلة في قطاعي الطاقة والنقل، بما في ذلك الزيادات الكبيرة في الطاقة المتجددة، مثل الرياح والطاقة الشمسية، والانخفاض الحاد في الانبعاثات الناجمة عن الوقود الأحفوري، مثل الفحم والنفط.
ويقول الخبراء إن أي شيء أقل من هذا الهدف، ربما يقوض تعهد بايدن بمنع زيادة الحرارة 1.5 درجة مئوية، ومن المحتمل أن يُثير انتقادات حادة من الحلفاء الدوليين ومؤيدي بايدن.
جدل اتفاق المناخ
وأشارت الوكالة إلى أن هدف 2030، المعروف أيضاً باسم المساهمات المحددة وطنياً، يُعد جزءًا أساسياً من اتفاق باريس للمناخ الذي أعاد بايدن الولايات المتحدة إليها في أول يوم له في منصبه.
ويُمثل الهدف أيضاً دليلاً هاماً على تحرك بايدن نحو غايته القصوى المتمثلة في القضاء على الانبعاثات الكربونية بحلول 2050.
ويرى بعض المشرعين الجمهوريين أن التركيز على خفض الانبعاثات في الولايات المتحدة سيؤدي إلى نتائج عكسية، وأن خطة بايدن سترفع أسعار الطاقة، وتقضي على فرص العمل الأميركية مع السماح لروسيا، والصين ودول أخرى، بزيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.