نسرين درزي (أبوظبي)( نقلا عن جريدة الاتحاد الظبيانية )

ما إن اعتدلت حرارة الطقس حتى عادت الحجوزات على رحلات الكاياك تتصدر اهتمامات محبي الأنشطة البحرية التي لا تخلو من محطات استجمام واستكشاف في أحضان الطبيعة، وبالرغم من أن جولات كهذه بحرية بامتياز، إلا أنها تتيح في أكثر من موقع خيارات ترفيهية وثقافية متنوعة مع التعرف إلى بيئة الجزر المحيطة وظروف الكائنات التي تنمو وتعيش فيها كمحميات تطفو على الماء.
ولأن أنشطة التجديف لا تكون إلا على امتداد بحر هادئ بلا أمواج ولا ترددات، تتركز زوارق الكاياك دائماً عند المسطحات والمناطق المحصورة الأشبه ببحيرات فسيحة تسيجها الإطلالات الخضراء وأشجار المانغروف، حيث تتكاثر الطحالب والأسماك النادرة، وتتجمع الغزلان والطيور المهاجرة.
متنزه القرم الوطني وسط العاصمة يعد محطة رئيسة يقصدها السكان والزوار للانطلاق منها إلى رحلات الكاياك، التي تنظم على مدار اليوم بحسب الطلب، وغالباً فجراً أو عند الغروب، حيث تتراءى المشاهد الجمالية من على صفحات الواجهة البحرية. وهنا يمكن الاختيار بين الزوارق المناسبة إما للتجديف الفردي أو الثنائي، حيث تستغرق الرحلة بين الساعة والساعتين، مع إمكانية وجود مرافق يجول في قاربه شارحاً للمجدفين عن البيئة البحرية لمجتمع الإمارات، بما فيها طقوس الغوص للبحث عن اللؤلؤ منذ زمن الأجداد والأنواع البيئية التي تميز موقعاً عن آخر.

طيور وأسماك
تحدث روجيه مندوزار، منسق رحلات «كاياك» عن البرامج التي ينظمها للزوار، والتي يتم تحديدها بحسب الرغبة، وقد تتضمن محطات إبحار وغوص وسباحة، وكذلك التمدد عند أحد شواطئ الجزر المحيطة، أو التنزه وتناول المأكولات والمشروبات. وقال، إن أكثر ما يجذب السياح كثافة أشجار المانغروف العريقة التي تعيش على المياه المالحة، بعكس الأشجار الأخرى وأهميتها في الحفاظ على البيئة، كما تستوقفهم أصناف الطحالب والأعشاب الملونة على السطح وفي الأعماق لالتقاط الصور التذكارية في لحظات استثنائية.
وأوضح أن قوارب الكاياك لا تتطلب مجدفين محترفين، بحيث يمكن التعلم على أساسيات التجديف بدقائق، إلا أن تراكم الخبرة في هذا المجال يجعل الرحلة أكثر استمتاعاً. وشرح أن أجمل الفعاليات تلك التي يتم تنظيمها للمجموعات والأصدقاء لأنها توجد حالة فرح تحول المكان إلى بقعة نابضة بالحياة من كل الاتجاهات تتخللها فترات صمت، حفاظاً على خصوصية المحميات المجاورة التي تقطنها الحيوانات البرية النادرة، مثل مالك الحزين والكائنات البحرية الموجودة على الشواطئ وفي البحيرات كالمحار والإسفنج والسلطعون.

محميات برية
أجواء الاسترخاء نفسه توفره رحلات الكاياك لنزلاء فنادق جزر الصحراء عند جزيرة صير بني ياس في منطقة الظفرة، وتتميز بمزيد من السكون الذي تفرضه طبيعة المكان وسط الصحراء البكر وعلى مقربة من المحميات البرية التي تضم أكبر عدد من الحيوانات المتفردة نوعاً وصنفاً، وهنا يستمتع المجدفون بالانسياب بهدوء بين المناظر الخلابة لأشجار القرم دائمة الخضرة إلى حيث تقودهم الرحلة متنقلين من محطة استكشاف إلى أخرى وسط بيئة بحرية تحتفظ بخصائص متفردة يمنع عندها الصيد أو الحركة الصاخبة لعدم إقلاق راحة الثروة البحرية البكر. وغالباً تشجع رحلات الكاياك الزوار على استكمال جولتهم الترفيهية بقصد التعرف إلى المزيد عن الحياة البرية داخل المتنزه العربي للحياة البرية الأقدم في الإمارات ويضم أكثر من 40 صنفاً من الحيوانات النادرة، وعلى رأسها الغزلان المحلية والمها العربية، ويستوطنه نحو 400 ظبي عربي «المها»، وهو أكبر تجمع في العالم لهذه الفصيلة المهددة بالانقراض.

«رحلات اللوفر»
وصلت رحلات «الكاياك» بمفهومها التثقيفي إلى متحف اللوفر أبوظبي في المنطقة الثقافية بجزيرة السعديات، والذي استحدث تنظيم جولات تجديف في محيطه ضمن مبادرة حيوية يعرض من خلالها أمام الزوار جمالياته وأسرار هندسته المعمارية من الواجهة البحرية.
ويتيح موقع المتحف العائم وسط الماء منظوراً مختلفاً للتعريف بروعة التصاميم التي شيد عليها «اللوفر أبوظبي». وتستقبل الرحلات الزوار من مختلف الأعمار على أن يرافق الأهل أطفالهم من عمر 6 إلى 12 عاماً، ولا تتطلب التجربة خبرة مسبقة، حيث تستغرق الجولة 60 دقيقة برفقة مدربين متخصصين يستهلون الرحلة بتعليمات عن السلامة والتجديف.

للهواة والمحترفين
شواطئ جزيرة ياس و«السعديات» و«الريم» وكورنيش أبوظبي من المواقع التي تتيح ممارسة الترفيه بزوارق الكاياك بحسب الظروف الجوية وعلى مقربة من الشاطئ، لأن أحوال الريح في المنطقة غير مستقرة. وتعمل شركات الأنشطة البحرية على تنظيم جولات للزوار تضمن مختلف رياضات الإبحار للهواة والمحترفين وكيفية ممارسة هذه الرياضات المائية، واستعمال ألواح التجديف وقوفاً وألواح التزحلق على المياه والقوارب الشراعية. وتتوفر زوارق الكاياك أيضاً في مدينة العين ضمن حديقة العين المائية المعروفة بـ «وادي أدفنشر» وفيه مختلف الرياضات المائية التي لا تختلف بطبيعتها عن البيئة البحرية.

طيور الفلامنجو
تكشف رحلات الكاياك عند متنزه القرم الشرقي الممتد على مساحة 9.9 كيلومتر مربع وجود فصائل متنوعة ونادرة من النبات المحلية والأشجار المعمرة والطيور المهاجرة عند الجزر الصغيرة المجاورة، كطيور الفلامنجو وبلشون الصخور والبلشون الليلي وطيطوي الرمل والعقاب الأرقط.
ويشرح المرشدون المرافقون للسياح المهتمين بعلوم النبات والحيوان عن كيفية التعامل مع الطيور في التصوير أو المراقبة.

جولة البدر
توفر شركات تنظيم الجولات البحرية في أبوظبي، رحلات بين غابات أشجار القرم الطبيعية المحيطة بعدد من الجزر المطلة على المشهد العمراني الرائع للمدينة. ويمكن للزوار الاستمتاع بالتجديف من ساعة إلى ساعتين على متن قوارب الكاياك لاستكشاف جمال الواجهة البحرية خلال فترات المد المرتفع أو المنخفض، وكذلك التسجيل لجولة البدر الشهرية عندما يكون القمر مكتملاً مما يتيح خلفيات مشهدية ساحرة.

برامج
تضم رحلات الكاياك برامج خاصة للمبتدئين برفقة دليل ومدرب، وبرامج للمحترفين تتيح لهم فرصة استئجار القوارب والتجول بحرية تامة مع الالتزام باحترام البيئة البحرية الساكنة وعدم الإخلال بأنظمة دخول الماء.