HomeLittle Politics
شوية سياسة مع مجدي صادق : سياسة جانوس فى شرق المتوسط وحلم أردوغان فى الوطن الأزرق !
هل هو جانوس أو يانوس إله الرومان القديم الذى يحمل وجهين بمعبده طبقا للميثولوجيا الرومانية وله بابان أحدهما للشرق وآخر للغرب فهو إله الأبواب والبدايات؟! ام هو هيدرا متعدد الرؤوس والوجوه فى الأسطورة اليونانية القديمة والتى تؤكد قدرته على صناعة الازمات واللعب بالعقول والأفئدة !؟
إن أردوغان يمتلك الموهبة التى بها يتعامل بوجه ” جانوس ” وفى ظروف أخرى يتقمص شخصية “هيدرا ” !
وإذا كان بعضا من المؤرخين من يؤكد أن تمثال جانوس كان مثبتا قبل مئات السنين غرب مدينة اسطنبول على مضيق البوسفور, الا انه فى محاولاته الاحتيالية مع اليونان يبدو انه يبحث عن قرينه ” هيدرا ” !
هاجم اردوغان زعيم معارضته لفيجدار اوغلم وهو يرتدى ” القمباز ” باعتباره إمام العثمانيين الجدد والمقام العالى وهو يرد عليه منتشيا ” الاتري فرقاطاتنا التى تقف الى جانب سفننا الخاصة بالتنقيب والمسح فى شرق المتوسط ؟! اننا حاضرون هناك بطائراتنا وكامل قواتنا ” فحلم اردوغان فى الوطن الازرق الذى يضع خريطته خلف مكتبه داخل قصره الجمهورى الذى يضم الف غرفة , فخريطة هذا الوطن الازرق اصبح مخططه القادم !
ومشروع الوطن الازرق ينص على تمدد الحدود البحرية التركية فى شرق المتوسط حيث يزعم ان له الحق فى مناطق بحرية جنوب جزيرة رودس اليونانية وهو مايتجاهل طبقا لتقمصه شخصية فيدرا وجود جزيرة يونانية جنوب غرب بحر إيجه وهى جزيرة دوديكانيس بجانب جزيرة كريت الكبيرة وهما جزيرتان تقفان بين تركيا وليبيا بالبحر المتوسط !
هذا المخطط الازرق الذى يسطو به اردوغان على شرق المتوسط يعنى بحسبه بسيطة حصوله على احتياطى من الغاز الطبيعى فى شرق المتوسط تبلغ اكثر من 3 تريليونات دولار امريكى وهى كمية تكفي لتغطية احتياجات بلاده من الغاز الطبيعى 572 عاما واحتياجات اوروبا 30 عاما !
حتى ان خوجة افندى المعروف باسم فتح الله جولن ( اوكولن ) والذى يعتبره اردوغان ” فاوست ” الاكبر الذى يسعى لاقتناصه قد اكد من منفاه فى امريكا ” ان صديقه السابق – اردوغان – متجه الى بناء دولة جديدة مستوحى جذورها من حكايات سلاطين الامبراطورية العثمانية على ان يكون سلطانا مدى الحياة !”.
فقد صدقت صحيفة سعودية حين وصفت اردوغان ب ” هتلر الجديد ” وهو يقود تركيا نحو الانهيارفهى تعيش انهيارا اقتصاديا وهبوط غير مسبوق لليرة التركية , وانهيارا أخلاقيا لبلد مسلم سنى يعتدى على دول الجوار ويضاجع الجماعات الارهابية والراديكالية , كما يعيش انهيارا سياسيا حين اصبح ” منبوذا ” من كافة شعوب الدنيا باستثناء حلفائه فى إيران وقطر وروسيا فى الوقت الذى اصبح بات بين قوسين لعقوبات الاتحاد الاوروبى !
وهو يعلم انه لوحدثت اى محاولات انقلابية مثلما حدث عام 2016 فان اوروبا هى ملاذه الوحيد حيث كانت طائرته جاهزة لطلب اللجوء الى ألمانيا على حد قول سكاى نيوز عربية ابان محاولة انقلاب 2016 وعندما فشل الانقلاب جاء الانتقام قاسيا حين سجن اكثر من 70 الف شخص وطرد وفصل اكثر من 170 الف شخص عن العمل لمجرد تقارير تقول انهم ينتمون فكريا بخوجة افندى او عبد الله جولن !
فالحكم لدى اردوغان مقامرة اشبه بلعبة ” بوكر سياسية ” فشتان بين مصطفى كمال اتاتورك وهذه الصورة المقلدة والمزيفة لاردوغان فالمسافة العلمية والثقافية والسياسية كبيرة بينهما وقد حسب لاتاتورك انه القائد الذى وحد ولملم الشظايا المبعثرة من الامبراطورية العثمانية المنهارة
وقد سجل له المؤرخين هذه المآثر الاصلاحية باعتباره كان الضابط الوحيد الذى خرج من مدينة تسالونيك ” وهى الان مدينة يونانية تقع فى الشمال على الحدود اليونانية التركية وتحتها مدينة كافالا او قولة التى ولد بها محمد على وبيته ملك للحكومة المصرية الان بناء على توصية منه ” ليؤسس اول جمهورية تركية وحد بها الاتراك الذين لقبوه ” أتاتورك ” اى ” ابو الاتراك ” !
لكن الهيموفيليا السياسية التى اصابت اردوغان وهو يطلق شعارات خادعة ليكسب بها قلوب الاتراك تلك ” اللاهوتية السياسية ” جعلته ” شره للسلطة ” وقد استخدم رئيس جهاز استخباراته هاكان فيدان فى تجرع كؤوس مملوءة بالدم وهو ينفذ كل عملية إرهابية تشبع جوفه باعتبار ان هاكان قد اصبح ” الكاهن الاعظم ” لكافة الميليشيات الراديكالية المتأسلمة والارهابية فى تنفيذ مخططات اردوغان وبلطجته ونهمه الشديد للسلطة !
وبعيدا عن كراهيته الشخصية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الا ان اكتشاف حقل ” ظهر ” والذى يعتبر اكبر حقل غاز طبيعي قد اشعل النيران فى اردوغان صاحب حلم الوطن الازرق خاصة وان انتاج هذا الحقل اليومى يصل الى 350 مليون قدم مكعب واحتيطاته تقدر بنحو 850 مليار متر مكعب تمثل القشة التى قصمت ظهر ” اردوغان ” وكانت السبب فى حالة ” الهيموفيليا السياسية ” التى يعيشها والتى تظل تنزف حقدا وكراهية وشرا لمصر وشعبها ملوحا بين فينة واخري بالحرب فى اطار ” البلطجة السياسية ” التى عبر عنها رئيس وزراء فرنسا جان إيف لودريان !
ولم يجد وسيلة للتحرش بمصر الا من خلال شرق المتوسط وترسيم الحدود البحرية , إلا ان القاهرة ارسلت تحذيرا حادة لانقرة من مجرد المساس بحقوق مصر الاقتصادية بشرق المتوسط او حقوق رفقائها اليونان وقبرص !
وتقسيم المياه على سطح الارض يخضع لقوانين ومعايير دولية ضمن مايسمى بالجغرافيا الفيزيائية فان المنطقة الاقتصادية ضمن اتفاقية ” مونتيجوباي ” عام 1984 الخاصة بقانون اعالى البحار هى المنطقة التى تمتد 200 ميل بحري على الشريط الساحلى وترسيم الحدود البحرية يعنى وضع الحدود بين منطقتين بحرييتين متشاطئتين تخضع لانظمة وقواعد القانون الدولى , وفى حالة النزاع فان تحديد هذه الحدود البحرية يحتكم فيها الى محكمة قانون البحار او التحكيم الدولى اذا قبلت الاطراف المتنازعة او محكمة العدل الدولية اما مايحدث فى ” اكدينز ” وهو الاسم التركى للبحر الابيض المتوسط بينما تسميه اسرائيل ” هيم هيتكون ” الاسم العبرى له فهما فى صراع واقتتال للفوز بنصيب اكبر من تلك الغنيمة فاسرائيل من جانبها قامت بتطوير حقل ” شمشون ” البحري والذى يقدر حجم احتياطاته بحوالى 3,5 تريليون قدم من الغاز على عمق الف متر وهو يبعد 114 كم شمال دمياط و237 كم غرب حيفا !
اما على الجانب القبرصى فقد اعلن وزير الطاقة “يورجوس لاكوتريبيس “عن إكتشاف مكمن ضخم للغاز الطبيعي مشابه لحقل ” ظهر ” المصري من خلال اعمال حفر نفذ ها كونسيرتيوم يضم ” إينى ” الايطالية و ” توتال ” الفرنسية فى منطقة بحرية شمال غرب الجزيرة .
كل هذه الاكتشافات مؤكد اربكت كل حسابات اردوغان جعلته يعيد رسم سيناريوهات بديلة لكن القاهرة له بالمرصاد حين افشلت مخططات اردوغان التوسعية واستراتيجية ” البلطجة ” التى تمارسها انقرة وهاهو المخطط الجديد او السناريو البديل خاصة وان اردوغان ينتهج استراتيجية اسموها المراقبون باستراتيجية ” المراحل “فكان اتفاق اردوغان السراج واحدا من تلك المراحل التى ينتهجها اردوغان فهو يوظف مصر ويورطها فى الصراع التركى القبرصى حول الحدود البحرية فى الوقت الذى كانت تتفاوض فيه تركيا مع اسرائيل من اجل نقل الغاز الاسرائيلي عبر الانابيب التركية الى دول اوروبا !
وتجنبت القاهرة ” الغخ التركى ” وامنت حدودها البحرية بإسطول بحري شمالى متنامى القدرات يتمركز بالقرب من خط الحدود البحرية .
ولعبت الدبلوماسية المصرية دورا آخر حين طرحت مبادرات بنقل غاز الدول المتشاطئة عبلا انابي الغاز المصرية شرق جوض المتوسط الى اوروبا وهو مايحرم تركيا من فرصة اخري كانت تسعى الى تأمينها على نحو يشكل نقطة تحول ” جيو – استراتيجى ” لصالح مصر بما يعطى زخما للعلاقات المصرية الاوروبية وثقل دولى على حساب الفخ التركى !
على الجانب الاخر من الدبلوماسية المصرية التى لعبت دورا مهما فى تجريد تركيا من جزيرة ” سواكن ” السودانية الواقعة على البحر الاحمر مما كان يهدد الامن القومى لمصر رغم مااعلنته تركيا عن تدشين قاعدة عسكرية لها فى تلك الجزيرة !
وطبقا لاستراتيجية المراحل التركية جاء السيناريو البديل حينما نشرت صحيفة تركية تدعى ” ينى شفق ” فقرات من كتاب لمؤلفه اللواء بحري بالجيش التركى ( جهاد يايجى ) وكتابه يحمل عنوان ” ليبيا حارة تركية من البحر ” دعا فيها الى ضرورة توقيع الاتفاق مع ليبيا فى اقرب فرصة للحيلولة دون اعتصاب اليونان وقبرص اليونانية الجنوبية الحقوق التركية ” اعتبروها حقوقا مكتسبة ” فى المنظقة فهذا الاتفاق سيفسد السيناريو او الفخ الذى وضعته مصر واليونان وقبرص لتتقاسم منطقة شرق المتزسط ,
وعلى الفور جاء دور هاكان فيدان رئيس استخبارات اردوغان والشخصية المقربة منه لعقد هذا الاتفاق مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية فايز السراج وهو اتفاق تضمن مذكرتي تفاهم اولهما مذكرة تفاهم حول التعاون الامنى والعسكري بين البلدين خاصة وان السراح يحتضن ميليشات اردوغان الراديكالية الارهابية وهو بهذا الاتفاق يضرب عشرات العصافير بحجر واحد حيث اوجد مكان لتدشين قاعدة عسكرية على الحدود الغربية لمصر بعد ان ضاعت سواكن كما ان هذه ثغرة مهمة لدخول مليشيات داعش وغيرها من الجماعات الارهابية الى الحدود الغربية لمصر هدف اردوغان الكبير وثالثا دعم جماعات الاخوان التى ينتمى اليها لوجيستيا وعسكريا بعد قسمه باستعادة مصر وعودتها الى حضن الاخوان مرة اخري !
ولم ينتظر قليلا حتى ارسل بالفعل قواعد داعشية فى غمرة الحديث عن هذا الاتفاق مايقرب من 750 داعشى تركتهم اجهزة الامن المصرية لدخول الحدود المصرية وعلى الفور قامت باصطيادهم عند اختبائهم داخل احد المخابئ الحبلية حيث قامت اجهزة الامن المصرية ” بردمهم ” بالتراب ليتخلصوا منهم دفعة واحدة !
اما مذكرة التفاهم الثانى بشأن السيادة على المناطق البحري فى البحر المتوسط رغم انه لا توجد حدود بحرية مباشرة تجمع ليبيا وتركيا فى خطوة استفزازية جديدة يزيد من حدة التوتر وتدخل شكلا جديدا من الصراع فى منطقة شرق المتوسط بشأن ماراثون النفوذ عليه لمساحات جديدة من المواجهات , وياتى تحرك القاهرة واثينا ونيقوسيا سياسيا ودبلوماسيا حين اعلنت قبرص التوجه الى محكة العدل الدولية ومقاضاة تركيا دوليا من اجل الحيلولة دون مواصلة انقرة التنقيب عن الغاز قرب السواحل القبرصية والتى يقول عنها اردوغان ” الادارة الرومية فى قبرص ” فهو لايعترف بدولة اسمها قبرص!
وتحركت القاهرة بإجتماعات مكوكية بين الدبلوماسية المصرية واليونانية والقبرصية لعقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب فى القاهرة لبلورة موقف عربى موحد يرفض هذه الاتفاقية التى تخالف اتفاقية الصخيرات ( ديسيمبر 2015 ) التى تمنع رئيس المجلس الرئاسى من توقيع اى إتفاقية مع دول اجنبية دون موافقة البرلمان الليبيى المنتخب لذا اسرعت رئيس البرلمان الليبيى الى دعوة جامعة الدول العربية لسحب الاعتراف العربي لحكومة السراج وتجريده من اى صفة تمكنه من الحديث باسم ليبيا وهناك خطوة مماثلة تجاه الاتحاد الافريقي ومنظمة التعاون الاسلامى.
واستغرب وزير الخارجيةاليونانى نيكوس ديندياس حينما قال : “ان هناك منطقة جغرافية كبيرة تفصل بين البلدين اى تركيا وليبيا “وقد اعلنت اليونان رسميا طرد سفير حكومة الوفاق الوطنى الليبية على محمد يونس وكذا سعت الى الاتحاد الاوروبى لاتخاذ مواقف لاقرار عقوبات على تركيا وقد حدث تصعيد اخر من الجانب الاسرائيلى كان نتيجته مشروع قانون مقدم للكونجرس الامريكى لاتخاذ مواقف رادعة ضد تركيا فى ظل ازمة سياسية قائمة بين الولايات المتحدة الامريكة وتركيا بسبب صفقة الصواريخ الروسية فى الوقت الذى استفز هذا الاتفاق جماعات ليبية تخشي التدخل التركى لمليشياتها وتظاهروا الى درجة حدوث اشتباكات مسلحة فى محيط المجلس الرئاسي بطرابلس وبدء تحرك الجيش الليبي الوطنى بقيادة خليفة جفتر لاستعادة اخر قلاع السراج وهى طرابلس وربما تكون تركيا هى الملاذ المن له اذا حدث ان وقعت طرابلس !
فقد كان مشروع اتفاقيتى التفاهم وسيلة اردوغان لمحاولة ” لف الحبل ” حول عنق مصر وحلفائها خاصة بعد تأسيس ماسمى “منتدى غاز المتوسط ” لعرقلة تصدير الغاز من منطقة شرق المتوسط لاوروبا وتلعب ميليشياتهم فى ضرب شاحنات نقل الغاز من مصر وهى فى الطريق الى اوروبا أو عمليات إرهابية بتفجير خط الانابيب المزمع انشاؤه بين اسؤائيل وايطاليا مرورا باليونان المعروف باسم ” خط انابيب شرق المتوسط “بعد ان اطلقت مصر واسرائيل واليونان وقبرص والاردن وايطاليا والسلطة الفلسطينة ” منتدى غاز المتوسط ” فى منتصف يناير 2019 ولم توجه الدعوة الى تركيا الامر الذى استفز اردوغان خاصة وانه كان يراهن عند مجيئه للسلطة على ثروات الغاز الطبيعى وان تكون بلاده ممرا لتصدير الغاز لاسواق القارة الاوروبية وهو مايجعله سلطنا ذو قوة اقليمية مهيمنة فى محيطها الاوروبى لذا بدأ سيناريو التصعيد بارسال سفنه للتنقيب والحفر سواء ” فاتح ” او ” ياووز ” .
ويبقى الغراب اردوغان طبقا للمثل التركى يري فى من حوله فى دائرة صناعة القرار سواء هاكان او اوغلوا صقورا فان لدينا من هم قادرون على اصطياد هذه الصقور ومنهم من هو جاهز لالتهام هذا الغراب !
هذا المقال نشر يوم الثلاثاء 10/ديسمبر/2019على موقع صدى البلد