جونسون : الأجيال التي لم تولد بعد “لن تسامحنا”. اذا فشل الزعماء
أربع درجات ونقول وداعا لمدن بأكملها”، هكذا حذّر رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون، اليوم الاثنين، من اختفاء أكثر من مدينة إذا لم يتم التصدي إلى التغيّر المناخي، وكان من بينها مدينة الإسكندرية.
;كان قد افتتح رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الاثنين مؤتمر كوب26 التاريخي حول المناخ بتحذير قادة العالم بأنهم سيواجهون حكما قاسيا من الأجيال القادمة في حال لم يتحركوا بشكل حازم.
وقال في خطابه الافتتاحي: “غضب ونفاد صبر العالم لن يكون من الممكن احتواؤه إلا إذا جعلنا مؤتمر كوب26 هذا في غلاسغو اللحظة التي ننتقل فيها إلى الجد بشأن التغير المناخي، وهذا يشمل الفحم والسيارات والمال والأشجار”.
وردد جونسون بذلك صدى الناشطة المدافعة على المناخ البالغة من العمر 18 عاما، غريتا ثونبرغ الموجودة في غلاسغو مع الآلاف من المحتجين الآخرين، في حث القمة على عدم الانغماس في “الثرثرة”.
وقال رئيس الوزراء إنه إذا فشل الزعماء في تحقيق الهدف، فإن الأجيال التي لم تولد بعد “لن تسامحنا”. وتابع “سيحكمون علينا بمرارة وبامتعاض يطغى على نشطاء المناخ اليوم، وسيكونون على حق”.
فرصة للاقتصاد
اعتبر الرئيس الأميركي جو بايدن أمام القمة أن الرد الواسع النطاق اللازم لوقف أزمة المناخ يجب أن يعتبر فرصة لاقتصادات العالم.
وقال بايدن “وسط الكارثة المتنامية، أرى أن هناك فرصة رائعة، ليس فقط للولايات المتحدة إنما لنا جميعا”.
“إنقاذ البشرية”
دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الاثنين مؤتمر المناخ كوب26 إلى “إنقاذ البشرية” في مواجهة التغير المناخي من أجل وقف حفر “قبورنا بأيدينا”.
وقال متوجها إلى عشرات قادة العالم المجتمعين في إطار كوب26 في غلاسغو “لقد آن الأوان للقول كفى”، مضيفا “كفى لانتهاك التنوع البيولوجي. كفى لقتل أنفسنا بالكربون. كفى للتعامل مع الطبيعة كمكب قمامة. كفى للحرق والحفر والاستخراج على أعماق أكبر. إننا نحفر قبورنا بأنفسنا”.
وشدد على أنه بدلا من مواصلة استغلال الأرض “اختاروا إنقاذ مستقبلنا وإنقاذ البشرية”.
واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أن الإنسانية “دُفعت إلى حافة الهاوية” بسبب “إدماننا على الوقود الأحفوري”. بالنسبة للدول الجزرية على وجه الخصوص، المهددة بارتفاع مستوى سطح البحر، سيكون فشل كوب26 في تكثيف الجهود للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري بمثابة “حكم إعدام”.
يُعتبر مؤتمر الأطراف حول المناخ حاسما لمستقبل الكوكب، وافتتح أعماله الأحد ويستمر مدة أسبوعين في غلاسغو، وذلك بعد إرجائه لمدة عام بسبب تفشي فيروس كورونا.
تمهيدا للمؤتمر، أعاد قادة دول مجموعة العشرين في روما خلال عطلة نهاية الأسبوع التأكيد على الهدف الذي حدده اتفاق باريس بحصر الاحترار في 1,5 درجة مئوية مقارنة بمستوى ما قبل الحقبة الصناعية، وتحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن تقريبا وإنهاء الدعم الحكومي لمحطات الطاقة التي تعمل بالفحم في الخارج.
لكن تلك التعهدات لم تقنع المنظمات غير الحكومية والأمين العام للأمم المتحدة الذي قال إنه يغادر العاصمة الإيطالية وهو يشعر بـ”خيبة أمل”
وفي تقرير سابق أعدته اللجنة الاستشارية لعلوم المناخ التابعة للأمم المتحدة، حذّرت من العواقب الوخيمة التي ستطال المدن الكبرى الساحلية والجزر الصغيرة ومجتمعات القطب الشمالي ومناطق دلتا الأنهار.
لكنّ التقرير يؤكد أن خفض الانبعاثات الآن يمكن أن يقلل من المخاطر، “غير أن ارتفاع مستوى سطح البحر يتسارع وسيستمر لآلاف السنين”.
وتوقعت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، أن تكون مستويات المياه أعلى بمقدار 60 سنتيمترا، بحلول عام 2100، حتى في حال حصر الاحترار العالمي بأقل من درجتين مئويتين، وهو الهدف الأساسي لاتفاق باريس الموقع عام 2015.
وحذرت الهيئة من احتمالات “قاتمة” متاحة أمام مدن ساحلية كثيرة على المدى الطويل في حال عدم خفض الانبعاثات بدرجة كبيرة.
يقطن نحو 680 مليون شخص (ما نسبته 10 في المئة من سكان العالم)، مناطق ساحلية منخفضة، ترتفع أقل من 10 أمتار عن مستوى سطح البحر، ويُتوقع أن تصل أعداد ساكني تلك المناطق إلى مليار شخص بحلول عام 2050، بحسب اللجنة الدولية لتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة.
وتشير دراسة أجرتها الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة، العام الماضي، إلى أن مستوى سطح البحر سيرتفع لأكثر من مترين ما يعني أن العالم سيفقد مساحة من اليابسة تبلغ 1.79 مليون كيلومتر مربع.
ومن المتوقع أن تشهد غرق مساحة شاسعة من دلتا النيل، تضم مدينة الإسكندرية، التي يحيط بها البحر الأبيض المتوسط من ثلاث جهات وتقع بحيرة في جنوبها، ما يجعلها إحدى أكثر المناطق الساحلية المنخفضة عرضةً لخطر الغرق في العالم.
ويذكر ان مدينة الإسكندرية العريقة، التي أسسها الإسكندر الأكبر قبل أكثر من ألفي عام وصمدت في وجه الحروب والحرائق والكوارث، توشك على مواجهة كارثة طبيعية تهددها بالكامل.
فالإسكندرية، وبسبب موقعها الجغرافي الفريد، حيث يحيط بها البحر الأبيض المتوسط من ثلاث جهات وتقع بحيرة في جنوبها، مهددة بالغرق بحلول عام 2100، حسب ما حذرت لجنة الأمم المتحدة حول التغير المناخي.
وكانت ثاني أكبر المدن المصرية قد تعرضت عام 2015 لعاصفة شديدة أدت إلى فيضانات في عدد كبير من أحيائها وانهيار أكثر من 20 منزلاً ومقتل ستة أشخاص على الأقل، ما دفع بالحكومة إلى إنشاء المزيد من المصدّات البحرية لكسر الأمواج التي يجلبها المد.
وبحسب تقرير اللجنة الأممية، فإن التغيرات المناخية من ارتفاع لدرجات الحرارة وذوبان جليد القطبين المتجمدين، تهدد بارتفاع منسوب مياه البحر المتوسط بين 25 و98 سنتيمتراً مع انتهاء القرن الحالي، ما سيؤدي إلى “عواقب وخيمة على المدن الساحلية ودلتا الأنهار والدول الواقعة تحت مستوى سطح البحر”.
وخصّ التقرير الإسكندرية بحكم موقعها الجغرافي وكون واجهتها البحري تمتد لمسافة 60 كيلومتراً، ما يعني استثمارات هائلة من قبل الدولة لتقوية البنى التحتية الخاصة بمواجهة ارتفاع منسوب المياه. هذا ويقطن نحو خمسة ملايين شخص في مدينة الإسكندرية، ويشكل ناتجها الصناعي نحو 40 في المائة من إجمالي الناتج الصناعي المصري.
وأشار تقرير اللجنة إلى أنه، ومنذ عام 2012، فإن الأراضي التي أقيمت عليها المدينة ودلتا النيل المحيطة بها تغرق بمعدل 3.2 مليمترات سنوياً، وهي نسبة كافية لتهديد أساسات المباني والتسبب بكارثة كبرى.
كما أوضحت دراسة نُشرت عام 2018 أن نحو 734 كيلومتراً مربعاً من دلتا النيل قد تغمرها المياه بحلول عام 2050، وأن تزيد هذه المساحة مع نهاية القرن إلى 2660 كيلومتراً مربعاً، ما سيؤثر على نحو 5.7 مليون نسمة.
يشار إلى أن الحكومة المصرية خصصت مبلغاً يزيد على 120 مليون دولار لإقامة حواجز خرسانية ومصدات أمواج على طول الواجهة البحرية في الإسكندرية، المعروفة باسم “الكورنيش”.