منوعات : كورونا يعيق قوارب النقل عن الإبحار في نهر أبي رقراق بالمغرب
يحاول البحارة على متن قوارب النقل التقليدية في الرباط الصمود في وجه التطور الحضري السريع ومواصلة التجديف بكل ثبات على ضفتي نهر أبي رقراق، إلا أن فايروس كورونا Covid 19 قد يعجل بالقضاء على هذا التقليد.
الرباط – يواصل أصحاب قوارب النقل التقليدية بين العاصمة المغربية الرباط وجارتها سلا على ضفتي نهر أبي رقراق التجديف لكسب العيش برغم ما يتهدد هذه المهنة في ظل التطور العمراني الهائل والقيود المفروضة على خلفية أزمة كورونا.
ووكانت العرب اللندنية قد رصدت ذلك من خلال تقريرها حيث اكد عادل الكرواني احد اصحاب تلك القوارب “قواربنا جزء من تاريخ المدينتين لكننا نعاني اليوم دون أي دعم، نشعر أننا مهملون”، وهو واحد من 72 نقالا يقطعون النهر بالتناوب بين الضفتين جيئة وذهابا منذ طلوع الفجر إلى منتصف الليل.
وأعرب عن فخره بقاربه الخشبي الصغير الأزرق اللامع المزين بزربية ووسائد صغيرة ملونة تغطيها مظلة شمسية.
وبدأ الكرواني (45 عاما) العمل على متن هذه القوارب التقليدية منذ كان عمره 11 عاما وهو “اليوم (يناضل) من أجل الحفاظ على المهنة” الموروثة عن والده “من الانقراض”.
وظل النهر الذي يفصل المدينتين عند مصبه في المحيط الأطلسي لسنوات طويلة في منآى عن التطور العمراني بسبب مخاطر الفيضانات. لكن المنظر تغير بالكامل في 2006 عندما أطلق العاهل المغربي الملك محمد السادس مشروعا لتهيئة ضفتيه بأكثر من 1.5 مليار يورو، شارك في تصميم بعض أجزائه مهندسون معماريون مرموقون مثل الفرنسي مارك ميرمار والعراقية الراحلة زها حديد.
ويشمل المشروع طمر المستنقعات على جنبات النهر وتشييد قنطرة عصرية وإقامات سكنية راقية فضلا عن ميناء ترفيهي زاد النهر بهاء.
وبدءاً من 2015 فتح خط ترامواي ليدعم خطوط الحافلات وسيارات الأجرة التي تنقل منذ سنوات الآلاف من “السلاويين” يوميا لمقرات عملهم في العاصمة الرباط.
لكن القوارب التقليدية حافظت رغم كل شيء على هواتها الذين يستمتعون “باستنشاق هواء نقي” أثناء رحلة العبور والمشي بعد ذلك على الأقدام، “بعيدا عن ضوضاء سيارات الأجرة وزحام الترامواي” كما يقول طارق السكايتي، مشيرا أيضا إلى استمتاعه “بفقدان الشعور بالجاذبية” عندما يركب القارب الخشبي الصغير.
وتكلف رحلة العبور بين ضفتي المدينتين درهمين ونصف (حوالي 0.2 يورو) كما تقيد اللافتة المعلقة عند الرصيف، وهو السعر الذي حددته السلطات دون أن يتغير منذ سنوات
وتجذب ضفتا النهر أيضا الكثير من الزوار وهواة ركوب القوارب التقليدية للاستمتاع بجولة ترفيهية فوق النهر غير بعيد عن مصبه في المحيط الأطلسي، حيث تنتصب أسوار قصبة الأوداية التاريخية بالعاصمة الرباط.
لكن الهدوء الذي يطبع عادة هذه الهواية الشعبية باتت “تكسره محركات يخوت تقترح جولات غير مرخص لها أكثر سرعة وأكثر غلاء”، كما يقول نورالدين بلفقيه الذي قضى 26 عاما في التجديف على القوارب التقليدية، شاكيا أيضا “الفوضى التي يحدثها رواد درجات ‘جيت سكي’ المائية حين يقطعون النهر بسرعة دون أن يأبهوا للمخاطر”.
وجاءت أزمة كورونا لتعمق معاناة النقالين “حيث لم يعد هناك أي سائح” كما يضيف زميله إدريس بودي الذي لا يزال محافظا على لياقته في سن الـ62.
ويستطرد النقال الخمسيني خالد بادخلي “نحن نمارس مهنة تتطلب الكثير من الجهد، يجب أن تكون أذرعك وقلبك قويين لتحريك قارب يزن طنا ونصف الطن فضلا عن وزن الركاب، خصوصا إذا كان التيار قويا”.
وقد وهب حياته كلّها للتجديف محركا القوارب التقليدية بذراعيه إذ حاول “تجريب مهن أخرى لكنني أعود دائما إلى النهر”، مشيرا إلى “الهشاشة” التي يعانيها ممارسو هذه المهنة محرومين من أي تغطية اجتماعية.
وغير بعيد عن هذا الرصيف المخصص لركوب القوارب تصب مراكب صيد تقليدية حمولتها من السردين عند رصيف مجاور تحلق فوقه أسراب من النوارس.
وتقلص نشاط المرفأ الصغير كثيرا بعدما كان إلى حدود مطلع القرن 20 أكبر ميناء نهري في المغرب.
ويعاني الصيادون التقليديون أيضا من تبعات الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الحجر الصحي والقيود التي تلته لعدة أشهر بسبب وباء كوفيد – 19، حيث يشعرون “بالتهميش”، وفق عادل الكرواني.
وفقد الكثير منهم عمله بينما حوّل بعضهم وجهة قواربه الخشبية نحو السواحل الإسبانية على أمل العبور إليها بطريقة غير نظامية، كما يضيف.
ورغم أن طريق الهجرة غير النظامية ينطلق عادة من السواحل المغربية المتوسطية شمالا، فإنّ سواحل سلا على المحيط الأطلسي (شمال غرب) تحولت هي الأخرى العام الماضي إلى منطلق “لمافيات الهجرة السرية”، بحسب ما أفادت صحف محلية
نقلا عن العرب اللندنية