المهرجان يقدم 12 فيلما افتراضيا بعنوان “من قصبة ماتزارا ديل فاللو إلى صقلية الصغيرة في حلق الوادي”
صقلية (إيطاليا) – تحت شعار “السينما والهجرة” تنظم جمعية “Ciné – Sud Patrimoine” بالتعاون مع السفارة التونسية في إيطاليا مهرجانا للأفلام عبر الإنترنت تحت عنوان “من قصبة ماتزارا ديل فاللو إلى صقلية الصغيرة في حلق الوادي”، الذي سيقام في الفترة من 15 إلى 22 مايو الجاري.
وقالت مذكرة للمنظمين إن “المهرجان ستتم استضافته على موقع www.cinemaaumusee.org الإلكتروني، مع دخول مجاني لمدة 24 ساعة”، مبينين أنه “حدث سيقدم للجمهور 12 فيلما بما فيها الأفلام الروائية، القصيرة والأفلام الوثائقية، التي أنتجها مخرجون تونسيون وإيطاليون تحدثوا على مدى الثلاثين عاما الماضية عن أهمية وكثافة الهجرات بين إيطاليا وتونس”.
وموضوع الهجرة حاضر بقوة في السينما التونسية منذ أكثر من أربعة عقود، ويبدو أنه سيظل كذلك في السنوات القادمة فأعداد المهاجرين، النظاميين منهم كما “الحراقة”، في ارتفاع مستمر، كما تحولت تونس إلى منطقة عبور للمهاجرين، ما مثل مادة دسمة للسينما التونسية وحتى الأوروبية، التي عالجت قضايا الهجرة من زوايا نظر مختلفة.
السينما جسر للتواصل بين جنوب المتوسط وشماله
وقد ساعد الإنتاج السينمائي بين ضفتي المتوسط في فهم أوسع لقضية الهجرة ولجذورها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، كما كشف عن خفايا العلاقات بين سكان جنوب المتوسط وسكان شماله، بما فيها من تناقض بين القبول بالآخر والارتهان له والتحكم في مصيره.
ومن ناحية أخرى يعبر عنوان المهرجان عن الوجود التونسي منذ القدم في إيطاليا فـ“قصبة ماتزارا ديل فاللو” هي عبارة عن مزارة أسسها الفينيقيون في القرن التاسع قبل الميلاد، باسم “مزار”، ثم تعاقب عليها اليونانيون والقرطاجيون والرومان والوندال والقوط الشرقيون والبيزنطيون، قبل أن يحتلها العرب في عام 827 ميلادي، وأصبحت مركزا مهما للدراسات الإسلامية لتعلم الأدب والشعر والقانون والشريعة الإسلامية، ولا يزال شاهدا في وسطها التاريخي حي القصبة.
والوجود الإيطالي في تونس “صقلية الصغيرة في حلق الوادي” تبينه بشكل لافت رواية دانيال شبيك “صقلية الصغيرة”، والذي أثبت أنه كاتب روائي مهم بتأكيد قدرته على بناء الجسور بين الثقافات.
وتلقي روايته هذه الضوء على الوجود الإيطالي في مدينة حلق الوادي الساحلية التونسية، كما تسرد لنا حدثا تاريخيا غير معروف كثيرا هو الاحتلال الألماني في تونس بين عامي 1942 و1943.
في رواية شبيك ينجو عازف البيانو اليهودي فيكتور بصعوبة من القتل على يد النازيين. كذلك تم إنقاذ ياسمينا ووالديها، ولكنهم فقدوا منزلهم في منطقة حلق الوادي. الحيُّ اليهودي التقليدي ما يسمى بـ“حارة اليهود”. وينجو هؤلاء بعد أن أخفاهم معارفهم المسلمون في مدينة تونس.
وأشار منظمو المهرجان إلى أن هذه التظاهرة تحاول رصد “قرن من الزمان من التبادلات بين الشمال والجنوب والعكس بالعكس، والذي بدأ منذ وصول أوائل الصقليين والليفورنيين الذين هاجروا إلى تونس إلى مدينة حلق الوادي، وصولا إلى يومنا هذا”.
الفن شكل من أشكال المقاومة
وذكر البيان أن المبادرة ثمرة أحد مؤسسي جمعية “Ciné – Sud Patrimoine” وهو المخرج التونسي محمد شلوف، والذي يوضح أنه من خلال هذا الاستعراض الفني أرادوا أن يقدموا للجمهور هذا التراث السمعي البصري الثمين الذي تشكل بفضل أعمال المخرجين التونسيين والإيطاليين مثل محمود بن محمود، مارتشيللو بيفونا، ألفة شقرون، ستيفانو سافونا، جوفانّا تافياني، طارق بن عبدالله، جانفرانكو بانون، إيرنستو باغانو وإنريكو مونتالبانو.
ولفت شلوف إلى أن هؤلاء المخرجين “سردوا باهتمامهم وحساسياتهم المختلفة هذه الهجرات من خلال شهادات الأبطال المباشرين”، أي المهاجرين أنفسهم.
ويفتتح المهرجان يوم 15 مايو بعرض موسيقي في مدينة نابولي للثنائي سالفاتور مورا ومرزوق الماجري، سيبث على الهواء مباشرة في متحف سينما الواقع. وبعد ذلك سيتم عرض البورتريه الوثائقي “كلوديا كاردينالي أجمل إيطالية في تونس” لمحمد بن محمود (1994).
وكاردينالي ممثلة سينما إيطالية تونسية وتعتبر أيقونة سينمائية لما قدمته من أفلام عالمية متعددة طيلة مسيرتها، وقد ظهرت كاردينالي في مجموعة من أشهر الأفلام الأوروبية في فترة الستينات والسبعينات، وخاصة الأفلام الإيطالية والفرنسية، لكنها ظهرت أيضا في الكثير من الأفلام الإنجليزية.
وتلقب الممثلة العالمية بـ“أجمل إيطاليات تونس” وتمثل هذه النجمة السينمائية الشهيرة رمزا لروابط الصداقة العميقة التي تجمع إيطاليا وتونس وعمق الصلات بين الشعبين والثقافتين الإيطالية والتونسية لما لهما من تأثير متبادل بينهما.
وتعتبر مدينة حلق الوادي في تونس أحد رموز التسامح، نظرا إلى أنها كانت نقطة تعايش لأتباع ديانات مختلفة منذ زمن بعيد، فتعايش فيها المسلمون واليهود والمسيحيون، كما تجاورت على أرضها المطلة على خليج تونس أعراق مختلفة، فمثلت في زمن غير بعيد مثالا حيا على التسامح والتعايش والازدهار، فيما تراجعت كل تلك المظاهر في العقود الأخيرة وتراجع دور المدينة، التي تحاول أن تستعيد أهميتها التاريخية وملامحها العريقة من خلال الفن.
نقلا عن موقع العرب اللندنىة + وكالة الانباء الايطالية + مصادر اخري