دودة السفن Teredo navalis، هو اسم مجموعة من المحار الملزمي بالمياه المالحة وله جسم عاري ناعم طويل؛ وهم رخويات بحرية ذوات مصراعين في فصيلة Teredinidae. تتمتع ديدان السفن بسمعة سيئة لحفرها (وعادة ما تؤدي في النهاية إلى تدمير) في الأخشاب المغمورة في مياه البحر، وتشمل المنشآت مثل الأرصفة الخشبية، الأحواض والسفن؛ حيث تقوم عن طريق زوج صغير جداً من الأصداف بالحفر من جهة واحدة، طرف واحد، وتقوم بحفر طريق تمر من خلاله. في بعض الأحيان يطلق عليها “النمل الأبيض البحري”، وتشتهر أيضاً بالاسم الشائع “دود تـِرِدو” أو ببساطة “تردو teredo”، من اللغة اليونانية “τερηδων”، عبر اللاتينية. في النهاية تبنى علماء الأحياء الاسم الشائعتردو as كاسم لأشهر جنس معروف
وقد تسببت “دودة السفن” في تدمير سفن المستكشف كريستوفر كولومبوس في جامايكا، وأسقطت أسطول أرمادا الإسباني، وتسببت في انهيار أرصفة ميناء سان فرانسيسكو، وطالما كان البشر يضعون هياكل خشبية في المحيط، فإنها كانت تدمرها.
كانت تسمى سفينة كولومبوس ب لا سانتا ماريا (بالإسبانية: La Santa María de la Inmaculada Concepción) (اسمها الأصلي: La Gallega) كانت أكبر السفن الثلاث المستخدمة من قبل كريستوفر كولومبوس في رحلته الأولى عام 1492. كان سيدها ومالكها خوان دي لا كوسا.
هذه المشكلة التي كانت تمثل تحدياً كبيراً في عصر القوارب الخشبية، يقف خلفها شريك في الجريمة (منها تدمير سفن كريستوفر كولومبوس )، وهو البكتيريا المساعدة للديدان، والتي من دونها لم تكن تمتلك الديدان تلك القدرة التدميرية، لكن باحثين من جامعة نورث إيسترن الأميركية، نجحوا مؤخراً في تبييض وجه تلك البكتيريا باكتشاف فوائد لها تم الإعلان عنها في العدد الأخير من «المجلة الدولية لعلم الأحياء الدقيقة المنهجي والتطوري».
يقول دان ديستيل، مدير مركز تراث المحيط الجينومي في الجامعة، ورئيس الفريق البحثي في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة أول من أمس: «ديدان السفن هي رخويات طويلة ورقيقة ولها قدرة على أكل الخشب، لكنهم لا يستطيعون القيام بذلك وحدهم، ويعتمدون على شركاء من البكتيريا لكسر الخشب إلى مغذيات يمكنهم استخدامها».
وعمل الفريق البحثي لاحقاً على دراسة أكثر تفصيلاً لهذه الإنزيمات، وكان السبب في ذلك هو قدرتها على تحطيم المادة المعقدة في جدران خلايا النباتات (الليجنوسيليلوز) إلى سكريات
دودة السفن ” او “نمل البحر المتوسط “
ومازالت “ديدان السفن”، كما يطلق عليها العلماء والمتخصصون، إلى اليوم، تؤرق البحارة والعاملين في القطاع البحري حول العالم، بسبب الأضرار الكبيرة التي تخلفها هذه الكائنات على المنشآت البحرية والسفن بمختلف أنواعها.
ويطلق البحارة على هذه الحيوانات الغريبة اسم ديدان السفن أو “نمل البحر الأبيض”، لكنها في الحقيقة مجموعة استثنائية من المحارات الملزمية التي تعيش في المياه المالحة والتي تحمل على أجسامها أصدافا صغيرة جداً.
لها سجل كبير فلى جرائم البحر !
اكتسبت هذه المخلوقات سمعتها السيئة على مر العصور بسبب قدرتها الغريبة على تحطيم كل المنشآت البحرية الخشبية أو غيرها من السفن والموانئ والأرصفة البحرية.
وتحيّر هذه المخلوقات منذ آلاف السنين البحارة بسبب قدرتها الغريبة على التهام الأخشاب بسرعة كبيرة جدا، ولها سجل كبير وقديم بارتكاب “جرائم البحر” الغامضة حيث تسببت بانهيار الكثير من الموانئ والأرصفة البحرية القديمة وغرق السفن الخشبية أو التهامها للمواد الخشبية التي تستخدم بداخل السفن الجديدة.
تمتلك قدرات محيرة للعلماء ولاتصدق !
وبحسب المقال المنشور في مجلة “sciencealert” العلمية المتخصصة، تحت عنوان (الخراب الذي تسببه ديدان السفن لا يزال لغزا بعد آلاف السنين)، لا تزال هذه الديدان الغامضة تشكل مشكلة حقيقية غير معروفة بالنسبة للعلماء.
وأكد عالم الأحياء الدقيقة، روبن شيبواي، من جامعة “بورتسموث” البريطانية أن قدرة هذه الكائنات غريبة جدا، واصفا هذه القدرة بـ”الأمر الذي لا يصدق”.
وقال العالم في ورقة بحثية نشرها في مجلة “Frontiers in Microbiology” العلمية المتخصصة بعلم الأحياء الدقيقة، واصفا الجرائم التاريخية لهذه الدودة: “كتب الإغريق القدماء عنها، وفقد كريستوفر كولومبوس أسطوله بسبب ما أسماه (الخراب الذي أحدثته الدودة)، واليوم، تسبب ديدان السفن أضرارًا بمليارات الدولارات سنويًا”.
وأكد العالم أن عملية هضم هذه المخلوقات لكميات كبيرة من الأخشاب لا تزال سرا غامضا مقارنة مع الحيوانات الآكلة للأخشاب على الأرض، مثل النمل الأبيض.
عادة ما تتعلق قدرة هضم الأخشاب لدى المخلوقات التي تتغذى عليها بالميكروبات، ولكن اكتشف أن ديدان السفن، التي هي في الواقع محار، تمتلك أحشاء معقدة وخارقة بشكل مدهش. ولا يستطيع الباحثون معرفة الطريقة التي تستطيع من خلالها هذه المخلوقات التهام “الخرسانة الخشبية” وتحليل مادة اللغنين (الليغنين عبارة عن مركب كيميائي معقد يستخرج في أغلب الأحيان من الخشب، حيث يشكل حوالي ربع إلى ثلث الكتلة الجافة منه. يعد الليغنين من المكونات الجدار الثانوي في الجدار الخلوي للنباتات، وبعض الأشنيات).
الأبحاث ما تزال عاجزة عن كشف السر
يقول عالم الأحياء المجهرية ستيفانوس سترافورافديس، من جامعة “ماساتشوستس” في أمهيرست: “لقد قمت بتحليل الجينوم لخمسة أنواع مختلفة من دودة السفن، بحثًا عن مجموعات بروتينية معينة تنتج الإنزيمات التي نعرف أنها قادرة على هضم اللجنين… لم يظهر بحثي أي شيء، فكيف تقوم ديدان السفن بهضم كل هذا الخشب؟ يبقى ذلك لغزا”.
وبحسب المقال، فشلت جميع الأبحاث السابقة التي أجريت على هذه المجموعة من المحار في تحديد أي إنزيمات معروفة تستطيع تحليل مركب اللغنين.
لحق ديدان السفن أضرار بالغة بالهياكل الخشبية ووالأساسات البحرية العميقة، وأصبحت محل دراسة للعثور على وسائل لمنع هجماتها. استخدم التغليف النحاسي للسفن الخشبية في أواخر القرن 18 وما بعدها، كطريقة بمنع الأضرار التي تسببها “ديدان تردو”. أول استخدام موثق تاريخياً للتغليف النحاسي كانت تجارب عقدت من قبل البحرية البريطانية على السفينة إتشإمإس ألارم، والتي تم تغليفها بالنحاس عام 1761 وتم تفتيشها بدقة بعد رحلة قامت بها لمدة عامين. في رسالة من طاقم البحرية إلى إمارة البحر ترجع إلى 31 أغسطس 1763، كتب فيها “طالما أن اللوحات النحاسية يمكن أن تبقى على القاع، بالتالي سيتم تأمين الألواح بالكامل من خطر الدودة”.
في هولندا تسببت دودة السفن في أزمة في القرن 18 بعد مهاجمتها الأخشاب المبطنة للأسوار البحرية. بعد ذلك أصبح من اللازم تبطين الأسوار البحرية بالأحجار. مؤخراً تسببت التردو في الكثير من الانهيارات البسيطة على إمتداد الواجهة البحرية لنهر هدسون في هوبوكن، نيوجرزي، بسبب الأضرار التي لحقت بالدعائم الموجودة تحت الماء.
في أوائل القرن 19، ألهم سلوك وتشريح دودة السفن للمهندس الفرنسي [مارك [إيزمبارد برونل|مارك برونل]]، والد المهندس البريطاني الشهير إيزمبارد برونل. معتمداً على رصده كيف تتمكن دودة السفينة عن طريق مصراعيها من الحفر في الخشب وتحميها من أن تنسحق بسبب تمدد الخشب، صمم برونل هيكل نفق حديدي مبتكر – درع النفق – الذي يمكن العمل من المرور في الأنفاق بنجاح من خلال قاع البحر المستقر نسبياً تحت التايمز. نفق التايمز كان أول نفق عملاق ناجح بني تحت نهر ملاحي.