وكانت قد وصفتها صحيبة البيان الاماراتية ب«إنها كارثة»: ويعترف المسئولون والهيئات والتجار والبائعون والمستهلكون في عموم الكويت. «كفى تكتما واكشفوا الحقائق»: حيث اكدت البيان الاماراتيةان مسؤولين بالبيئة اكدوا نزول الجيشالى الشواطئ منذ يومين لتنظيفه من مئات الأطنان من الأسماك النافقة التي غطت الرمال،
واشارت بإنه منظر مرعب حقا ومخيف بما هو عليه وبما ينذر به خاصة وأن الجهات الرسمية تتجنب الى الآن تحديد الأسباب وان تعددت الاحتمالات واستعانت بخبراء من اليابان استكشفوا الظاهرة ووعدوا بالنتائج بعد إجراء الفحوصات والتحاليل التي ستجرى في مختبراتهم.
فعندما تهب الرياح الخفيفة مساء تنقل معها روائح كريهة الى المنطقة الساحلية في العاصمة، وهذا يكفي ربما للتدليل على حجم المشكلة المستفحلة منذ أكثر من أسبوع. وبعد منع بيع وتداول سمك «الميد» الذي بدأت به موجة نفوق الأسماك تعالت الدعوات مجددا الى وقف صيد السمك المحلي بمختلف أنواعه لمدة شهرين على الأقل وإغلاق سوق السمك المركزي الذي هجره معظم الرواد في الأيام القليلة الماضية،
وذلك نتيجة أن هذا «المرض» أخذ يطال أنواعاً أخرى مثل السبيطي والبلطي والمزلقان والهامور والنقرور والحمرا والوحر والشعوم وغيرها. ورغم أن هيئة تشكلت بناء على توجيهات رسمية عليا باسم لجنة متابعة ظاهرة نفوق الأسماك وأعضاؤها من المعنيين بالثروة السمكية والبيئة فإن الجهود التي بذلت منذ تسعة أيام، تاريخ بدء ملاحظة هذه الحالات على نطاق واسع، لم تستطع الحد منها ولا تعريف اسبابها بل زادت بشكل خطير
إذ ارتفع حجم «الضحايا» الى ما يقارب الـ 400 طن حتى يوم الجمعة حسب بعض المصادر. وأعلن رئيس المجلس البلدي أحمد العدساني أنه رفع القضية لمجلس الوزراء «لأن القضية لا تتحمل إخفاء معلومات ويجب وقف الكارثة»،
وطالبت الجمعية الكويتية لحماية البيئة بمواجهة التلوث البحري «الذي يدق ناقوس الخطر وينذر بما لا تحمد عقباه»، وبدأت الهيئات المعنية بعقد مؤتمر صحفي يومي لكشف نتائج المتابعة بمشاركة اللجنة المشكلة خصيصا لذلك ومعهد الأبحاث العلمية والهيئة العامة للبيئة وجمعية العمل التطوعي
وقامت هذه الهيئات بالتعاون مع وزارة الصحة بزراعة عينات من الأسماك النافقة بغرض الفحص البكتيري للحصول على نتائج علمية تحتاج فترة أسبوع للظهور. وتعددت الأسباب المحتملة وراء الكارثة لكن عدم الحسم في تحديد الجهات الرسمية للسبب الرئيسي أفسح المجال أمام الاجتهادات ومنها إرتفاع درجة الحرارة بسبب موجة الحر المرتفعة التي تجتاح الكويت.
وقال الخبير البيولوجي الياباني د. ماكينو أندو الذي استعانت به السلطات ان ارتفاع الحرارة أدى إلى تفاقم نوع من البكتيريا سبب النفوق، كذلك أشارت هيئة البيئة التي تحدثت عن «ضغوط بيئية قاسية وفي مقدمتها ارتفاع درجات الحرارة في المياه» حيث أن منطقة جون الكويت تتأثر كثيراً بتغير الطقس. وفي حين استبعدت هيئة البيئة أي علاقة للنفوق بما يعرف بـ «المد الأحمر» أو الطحالب الضارة،
قال مراقب المحطات في إدارة الأرصاد الجوية عيسى رمضان انه غير مقتنع بذلك لأن «جميع الدلائل العلمية تدل على وجود المد الأحمر» مستبعدا بدوره إرجاع السبب الى ارتفاع الحرارة لأن ارتفاعا أكثر من الحالي سبق ومر في السنوات الماضية ولأن النفوق ازداد في الأيام الثلاثة الماضية رغم الإنخفاض النسبي في الحرارة.
ويتفق د علي خريبط مدير عام شركة «ايكو» للإستشارات البيئية مع هذا السبب الذي يذكر بغزو الطحالب لمياه الكويت عام 1999 ولكنها الآن أخطر، وفق مايقول، وهي موجودة منذ ثلاثة أسابيع «وأصابت أولاً مزارع الإستزراع السمكي في منطقة الدوحة قبل ان تمتد الى المناطق الأخرى تماما كما حصل في عام 1999» مستبعدا أيضا عامل ارتفاع الحرارة. ومن الأسباب المتداولة مياه المجاري الصحية التي تصب في منطقة الشويخ في جون الكويت وخاصة عند شاطئ جامعة الكويت،
إلا أن هيئة البيئة تستبعد بدورهاهذا الإحتمال لإن الأسماك النافقة «خالية من الملوثات كما ان المسوحات الشاطئية أشارت الى عدم وجود تلوث من مجاري الصرف الصحي باستثناء شاطئ السلام»، وكشف د. مشعل المشعان أمس أن وزارة الأشغال قامت قبل يومين بضخ كميات من مياه المجاري غير المعالجة داخل شاطئ الجامعة.
ولكن مصادر معنية أخرى، ترفض الكشف عن هويتها وتناشد الجهات الرسمية الإعلان عن الحقيقة ترد الموضوع برمته الى إهمال بعض الشركات النفطية التي تحول الى البحر مياه غير معالجة وإلى مشاريع استثمارية على الشاطئ.
وناشدت الشيخة امثال الصباح، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد، بوصفه رئيس المجلس الأعلى للبيئة، وقف مشروع إقامة الواجهة البحرية في منطقة الصليبخات وسائر المشاريع التي تتخذ من ساحل البحر مواقع لها متسائلة: ماذا تفيد الناس ملاعب الجولف مثلا؟ ومحذرة من أن البلد كله تحول الى شاليهات ومشاريع على الساحل ومصانع تصب مخلفاتها في البحر.
وإلى هذا وذاك تربط العديد من الهيئات بين النفوق وتجفيف الأهوار في العراق على اعتبار أن الأهوار «هي رئة الخليج العربي التي تزوده بمياه الأنهارالعذبة منذ الأزل لحفظ التوازن في هذه المنطقة البحرية شبه المغلقة»، كما تؤكد جمعية حماية البيئة التي تتوقع ان يزيد التجفيف المذكور من «ملوحة مياه الخليج لتظهر في المستقبل انعكاسات خطيرة لهذا التعدي المباشر على البيئة البحرية مماقد يؤدي الى تدهور كبير في الثروة السمكية والشعاب المرجانية وجودة المياه».
وسبق لمجلس الوزراء الكويتي أن حذر في بيان رسمي قبل أسابيع من تجفيف العراق للأهوار، وحيال ذلك وإمكانية تأثيرهذا العامل على النفوق طالبت الجمعية المذكورة المنظمات الأقليمية والدولية بالتحرك السريع وإعادة الأمور الى نصابها محذرة من المخاطر التي تهدد لاحقاً البيئة العالمية. وتجاه الحيرة التي تخلقها البلبلة المتمثلة في الإخفاق بتحديد العوامل الحقيقية لنفوق السمك يزداد القلق من هذه الظاهرة على كافة المستويات،
ولا شك أن مجلس الوزراء سيكون الأقدر على تحديد الخطوات العاجلة للتحرك الفعال بعد الإطلاع على حقيقة الأمر. وقال الخبير خريبط: إن أولى خطوات العلاج هو الإعتراف بالمشكلة، ومشكلة المشاكل البيئية هي عدم الإعتراف بها. الكويت